منتدى طلبة جامعة المسيلة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى طلبة جامعة المسيلة

منتدى يحوي جميع العلوم و المعارف


    كل ما يتعلق بالنظرية الوطيفية

    avatar
    mokranesofiane


    المساهمات : 74
    تاريخ التسجيل : 23/03/2010
    العمر : 36
    الموقع : mokrane-sofiane.yoo7.com

    كل ما يتعلق بالنظرية الوطيفية Empty كل ما يتعلق بالنظرية الوطيفية

    مُساهمة  mokranesofiane الثلاثاء مارس 23, 2010 10:37 am

    البنائية الوظيفية


    ترجع جذور فكرة و مضمون هذه النظرية إلى التراث الفكري اليوناني المنطوي على رؤية الأحداث الاجتماعية بأنها مكونة من أجزاء مترابطة مفصليا ً و وظيفيا ً بحيث يكون كل جزء مكملا ً للآخر بنائيا ً وحركيا ً و وظيفيا ً لدرجة عدم استطاعة أي جزء الاستغناء عن وجود الأجزاء الأخرى عند قيامه بحركته و وظيفته على الرغم أن حركة و وظيفة الكل مختلفة عن حركة و وظيفة أجزائه المكونة له ، و هذا يعني أن الأجزاء تكون متماسكة ارتباطيا ً و متكاملة حركيا ً و متكافئة وظيفيا ً و متناغمة إيقاعيا ً .

    هذا هو معنى النسق الذي يتنفس و يحيا وجوديا ً و وظيفيا ً من خلال تكامل وظائف أجزائه المترابطة .

    تم استعارة هذا المعنى من قبل العلوم الطبيعية و الفيزيائية و علم الضبط و نظرية المعلومات و البحوث الاجرائية و نظرية الأنساق الاقتصادية إذ طبقت على النسق الالكتروني و الشمسي ( في الكون ) و العصبي ( في جسم الانسان ) .


    و إذا أردنا سبر غور معنى و أبعاد هذه النظرية فإنه من المفيد أن نستعين بتحديد المنظر الأمريكي : " أناتول رابو بوريك )الذي قال فيه : إنه شيء يتكون من مجموعة كينونات متصلة ببعضها على أشكال بناء متكامل و مترابط و كل كينونة تمتلك صفة خاصة بها متممة لصفات الكينونات الأخرى المرتبطة بها و المتفاعلة معها .


    و يمكن القول أن ما أصبح يعرف بالاتجاه البنائي الوظيفي في النظرية الاجتماعية يمثل أكثر الاتجاهات رواجا ً في علم الاجتماع خلال الخمسين سنة الأخيرة في كلا ً من الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا و خلال هذه السنوات الخمسين ظهرت مؤلفات عديدة حول هذا الاتجاه النظري في علم الاجتماع سواء ً منها ما تناولته بالشرح أو التعديل أو و الإضافة أو النقد ، و قد اعتبر هذا الاتجاه من المعالم الرئيسية لعلم الاجتماع الأكاديمي المعاصر .

    على الرغم من أن هناك العديد من علماء الاجتماع الذين ينتمون إلى الاتجاه الذي يعرف باسم الوظيفية مثل روبرت ميرتون و جورج هومانز و تالكوت بارسونز و ماريون ليفي و روبرت ميلز و غيرهم .

    و على الرغم مما يوجد من اختلافات بين هؤلاء العلماء إلا أنه يمكننا القول بصفة عامة أن الاتجاه الوظيفي يعتمد على ستة أفكار رئيسية أو مسلمات محورية هي :

    الأفكار الرئيسية للاتجاه الوظيفي :

    أولا ً : يمكن النظر إلى أي شيء سواء كان كائنا ً حيا ً أو اجتماعيا ً و سواء كان فردا ً أو مجموعة صغيرة أو تنظيما ً رسميا ً أو مجتمعا ً أو حتى العالم بأسره على انه نسق أو نظام ، و هذا النسق يتألف من عدد من الأجزاء المترابطة ، فجسم الإنسان نسق يتكون من مختلف الأعضاء و الأجهزة و الجهاز الدوري فيه مثلا ً عبارة عن نسق يتكون من مجموعة من الأجزاء ، و شخصية الفرد نسق يتكون من أجزاء مختلفة مثل السلوك و الحالة الانفعالية و العقلية .... الخ و كذلك المجتمع و العالم .

    ثانيا ً : لكل نسق احتياجات أساسية لا بد من الوفاء بها و إلا فإن النسق سوف يقف أو يتغير تغيرا ً جوهريا ً ، فالجسم الإنساني مثلا ً يحتاج للأكسجين ، والنتروجين و كل مجتمع يحتاج لأساليب لتنظيم السلوك ( القانون ) و مجموعة لرعاية الأطفال ( الأسرة ) و هكذا .

    ثالثا ً : لا بد أن يكون النسق دائما في حالة توازن و لكي يتحقق ذلك فلا بد أن تلبي أجزاءه المختلفة احتياجاته ، فإذا اختلت وظيفة الجهاز الدوري فإن الجسم سوف يعتل و يصبح في حالة من اللا إتزان .

    رابعا ً : كل جزء من أجزاء النسق قد يكون وظيفيا ً أي يسهم في تحقيق توازن النسق ، و قد يكون ضارا ً وظيفيا ً أي يقلل من توازن النسق و قد يكون غير وظيفي أي عديم القيمة بالنسبة للنسق .

    خامسا ً : يمكن تحقيق كل حاجة من حاجات النسق بواسطة عدة متغيرات أو بدائل فحاجة المجتمع لرعاية الأطفال مثلا ً يمكن أن تقوم بها الأسرة و حاجة المجموعة إلى التماسك قد تتحقق عن طريق التمسك بالتقاليد أو عن طريق الشعور بالتهديد من عدو خارجي .

    سادسا ً : وحدة التحليل يجب أن تكون الأنشطة أو النماذج المتكررة بالتحليل الاجتماعي الوظيفي ، لا يحاول أن يشرح كيف ترعى أسرة معينة أطفالها ، و لكنه يهتم بكيفية تحقيق الأسرة كنظام لهذا الهدف .


    الإطار التصوري للبنائية الوظيفية :

    بمعنى مجموعة المفهومات التي يتردد استخدامها في إطار البنائية الوظيفية ، و على الرغم من أن مفهوما البناء و الوظيفة باعتبارهما مفهومين رئيسين في هذا الإطار ، و قد دخلا على يد كومت و سبنسر إلا أن البنائية الوظيفية شهدت نمو إطارا ً تصوريا ً ، يضم مفهومات مثل النسق والنظام و الدور والقيم و المعايير و غيرها ترتبط بمفهوم البناء ، هذا من ناحية و من ناحية أخرى كما شهدت ظهور مفهومات مثل الوظيفة الظاهرة و الوظيفة الكامنة ، و البدائل الوظيفية و المعوقات الوظيفية ، و غيرها ، ترتبط بمفهوم الوظيفة ، و قد أضيفت هذه المفهومات على يد علماء مثل ما لينوفسكي و راد كليف براون و بارسونز و ميرتون و ماريون ليفي وغيرهم .

    أولا ً : مفهوم البناء الاجتماعي و المفهومات ذات الصلة :
    يذكر روبرت ريد فيلد أن من استخدموا مفهوم البناء الاجتماعي لم يستخدموه بمعنى واحد ، و يبدو أنهم يستخدمون عدة أفكار أو تصورات مختلفة بشأنه ، وحرص راد كليف براون أحد رواد البنائية الوظيفية في محاضرته التي ألقاها 1940 م وعنوانها في البناء الاجتماعي على حسم هذا الخلاف .
    و يقصد بالبناء الاجتماعي : مجموعة العلاقات الاجتماعية المتباينة التي تتكامل و تتسق من خلال الأدوار الاجتماعية ، و ثمة أجزاء مرتبة و متسقة تدخل في تشكيل الكل الاجتماعي ، و تتحدد بالأشخاص و الزمر و الجماعات و ما ينتج عنها من علاقات ، وفقا ً لأدوارها الاجتماعية التي يرسمها لها الكل و هو البناء الاجتماعي .
    ويمكن إجمال المفهومات ذات الصلة بما يلي :
    1 ــ النسق الاجتماعي
    و يعني النسق في أبسط معانية العلائقية أو الارتباط أو التساند ، و حينما تؤثر مجموعة وحدات وظيفية بعضها في بعض فإنه يمكن القول أنها تؤلف نسقا ً ذلك الذي يتسم بخصائص معينة .

    و يستطيع مفهوم النسق الوفاء بكثير من متطلبات التحليل الوظيفي ، و لعل أهمها أنه يمكننا على مستوى التجريد من التعرف على النشاطات المختلفة و الخصائص المتميزة للمجتمع ككل ، فالمجتمع ذاته يوصف بأنه نسق اجتماعي متفاعل ، و تتضمن فكرة النسق الإشارة إلى البيئة المحيطة به ، و تنطوي هذه البيئة على أقصى درجات التفاعل و التداخل بين مختلف عناصر و مكونات النسق ، كذلك تثير مسالة البيئةو مشكلة حدود النسق ، و الحدود هي الإطار الذي يحيط بالنسق و يتبادل معه التأثير و التأثر .



    2 ــ النظام الاجتماعي
    يذهب علام الاجتماع سمنر إلى أن مفهوم النظام الاجتماعي يتألف من جانبين : الأول فكرة أو مبدأ مشترك بين أبناء المجتمع ، و الثاني هو البناء الذي هو المؤسسات التي تمنح الفكرة و المبدأ الطابع النظامي و تضعها في موضع التطبيق بشكل يحقق مصالح الإنسان .
    و يؤكد سمنر أن النظم تبدلأ بأساليب السلوك التي تتحول إلى عادات جماعية و هذه الأخيرة ما تلبث أن تتحول إلى قيم و معايير أخلاقية بسبب ارتباطها بالفلسفة الاجتماعية للمجتمع التي تجعل منها ضرورة للصالح العام .
    و على الرغم من تعدد تعريفات النظم الاجتماعية عند علماء الاجتماع إلا أنه يمكن القول : إن هناك شبه اتفاق بين المشتغلين بعلوم الاجتماع و الإنسان ، على أن النظم الاجتماعية هي الأساليب المقننة والمتفق عليها اجتماعيا ً ( سلوك و علاقات و تفاعلات و أفكار و معايير و مفاهيم و جزاءات ) و التي تستهدف إشباع حاجات أبناء المجتمع .
    و قد حدد مالينوفسكي مجموعة النظم الأساسية التي توجد في كل مجتمع و أوضح جذور هذه النظم في الحاجات الأساسية و الوسيلية و التكاملية ، فالأسرة و الزواج و القرابة مرتبطة بالحاجات الأساسية إلى التناسل و الإنجاب و تنظيم الجنس و النظم المهنية و الفنية ترتبط بالملزمات الوسيلية ، أما النظم السياسية و الدينية فتتعلق بالملزمات التكاملية .

    خصائص النظم الاجتماعية :
    أولا : لكل نظام وظيفة أو مجموعة من الوظائف يؤديها داخل المجتمع ، و لعل هذه الخاصية يمكن استنتاجها من تعريف النظم بأنها أساليب مقننة جماعية لمواجهة الحاجات الإنسانية الأساسية .
    ثانيا ً : يرتبط النظام بفكرة المعايير أو القواعد الضابطة للسلوك ، فهو ليس مجرد نماذج سلوكية بل إلى جانب ذلك نماذج مقننة ، أي تخضع لقواعد معينة متفق عليها ، و يجب على الناس الالتزام بها .
    ثالثا ً : إن التزام الناس بهذه القواعد يرتبط بفكرة الجزاءات الاجتماعية ، فإتباع الناس لنماذج السلوك المعترف بها في المجتمع يرجع إلى التربية أو التنشئة الاجتماعية كأساس أول ، و إذا فشلت فإن الأساس الثاني هو الخوف من الجزاءات الاجتماعية السلبية .
    رابعا ً : إن النظام هو السلوك الاجتماعي الذي يعترف به أبناء المجتمع ، و يحتاج السلوك إلى فترة زمنية طويلة حتى يتم قبوله و بالتالي يستمر لفترة زمنية طويلة أطول من أعمار الأفراد .
    خامسا ً : أغلب النظم تتسم بدرجة عالية من التعقيد ، حيث يتضمن كل منها مجموعة معقدة و متشابكة من النماذج السلوكية ، و ضوابط السلوك و قواعد معينة يجب أن يتبعها إلى جانب شبكة معقدة من العلاقات التي تحتاج إلى كثير من الجهد لفهمها و تحليلها .
    3 ــ الدور الاجتماعي :
    يعد مفهوم الدور مفهوما ً محوريا ً سواء لفهم النتائج أو الآثار أو لفهم مكونات البناء الاجتماعي ، فالدور هو الوظيفة ، بمعنى أنه السلوك الذي يؤديه الجزء من أجل بقاء الكل ، و تشكل أنماط العلاقات الاجتماعية بين الأدوار الشخصية جوهر البناء الاجتماعي ، وبالمثل تشكل أنماط العلاقات بين النظم الاجتماعية المفهوم الأشمل لبناء المجتمع ككل .
    4 ــ نسق القيم
    و يشير إلى القيم التي يتبناها المشاركون في النسق الاجتماعي كموجهات لسلوكهم و هذه القيم هي المسؤولية عن التوازن و الوحدة كما أنها تحقق التماسك و تمنح الفعل الجماعي و تعطيه معنى .
    5 ــ الجماعات
    تشير الجماعة إلى أي تجمع من أفراد يرتبطون معا ً بمجموعة معينة من العلاقات الاجتماعية ، و لا بد أن يتوفر في الجماعات عنصران أساسيان هما :
    أ ــ الوعي بالأعضاء الآخرين داخل الجماعة .
    ب ــ الاستجابة المتبادلة بينهم بحيث تشكل أفعالهم سياق الجماعة ككل .
    ج ــ تتميز الجماعة بالمعنى الاجتماعي بالخصائص الآتية :
    * ــ مجموعة مميزة من العلاقات الاجتماعية بين أعضائها .
    * ــ الاعتماد المتبادل بين أعضائها .
    * ــ الشعور بأن سلوك أي عضو من الأعضاء يخص الأعضاء الآخرين .
    * ــ الإحساس بالعضوية في الجماعة ، أي الشعور بالنحن .

    ثانيا ً مفهوم الوظيفة الاجتماعية و المفهومات ذات الصلة :

    يذهب راد كليف بارون إلى أن وظيفة النظام هي الدور أو الإسهام الذي يقدمه الجزء من أجل النسق الاجتماعي ككل ، و لكي يوضح هذه الفكرة استخدم المماثلة العضوية تماما ً كما استخدمها هربرت سبنسر ففي الكائن الحي نجد أن العضو البنائي ( و ليكن القلب مثلا ) يؤدي دورا ً أو وظيفة معينة في الإسهام الذي يقدمه لاستمرار الكل ، ( منح الدم إلى كافة أنحاء الجسم ) و استمرار وجود الكل يعتمد على العلاقات الوظيفية بين الأجزاء فالبناء و الوظيفة و العملية هي الجوانب المرتبطة الثلاث للنسق الاجتماعي ككل .
    و كان ميرتون قد أضاف تعريفا ً شهيرا ً للوظيفة حيث قال : إنها تلك النتائج أو الآثار التي يمكن ملاحظتها و التي تؤدي إلى تحقيق التكيف و التوافق في نسق معين "
    و طور ميرتون بعد ذلك مجموعة تصورات بدأها بالتفرقة بين الوظائف الظاهرة و الكامنة ، و دعمه بمفهوم البدائل الوظيفية ، و اختتم اسهامه بمفهوم المعوقات الوظيفية ، كأداة لفهم التغير الاجتماعي .

    و فيما يلي نستعرض بعض المفاهيم ذات العلاقة بالوظيفية :
    1ــ البدائل الوظيفية :
    عندما حاول ميرتون مناقشة موضوع الجهاز السياسي ، كشف بجلاء عن أهمية مفهوم البدائل الوظيفية و تكمن أهمية هذا المفهوم في التحليل ، حينما نتخلى عن التسليم بفكرة الوظيفية التي ينطوي عليها بناء اجتماعي معين ، و معنى ذلك أنه يتعين علينا ألا نسلم مثلا ً بأن الجهاز السياسي يمثل الوسيلة الوحيدة لمواجهة حاجات جماعية معينة مثل رجال الأعمال ، و الطموحين من أفراد المستويات الاجتماعية الدنيا .

    إذن فمفهوم البدائل الوظيفية يركز الاهتمام على مدى التنوع الممكن في الوسائل التي تستطيع أن تحقق مطلبا ً وظيفيا ً ، و بذلك فهو يذيب ذاتية ما هو موجود بالفعل و ما هو محتم أيضا ً .


    2 ــ المعوقات الوظيفية :

    و أخيرا ً نجد ميرتون يحذر من الاهتمام الشديد بدراسة الجوانب الاستاتيكية في البناء الاجتماعي ، و هو اهتمام أولاه بعض من ممثلي المدرسة الوظيفية ، وفي هذا الصدد يستخدم ميرتون مفهوم المعوقات الوظيفية و يشير على النتائج التي يمكن ملاحظتها و التي تحد من تكيف النسق أو توافقه ، فالتفرقة العنصرية مثلا ً قد تكون معوقا ً وظيفيا ً في مجتمع يرفع شعار الحرية و المساواة و يوضح ميرتون أهمية هذا المفهوم بقوله : إن مفهوم المعوقات الوظيفية بما يتضمنه من ضغط و توتر على المستوى البنائي يمثل أداة تحليلية هامة لفهم و دراسة ديناميات التغير .

    3 ــ الوظائف الظاهرة و الوظائف الكامنة :

    قد ميرتون تفرقة واضحة و تمييزا ً قاطعا ً بين الوظائف الظاهرة و الكامنة و سوف نترك الحديث حولهما لنقدمها بتفصيل أكثر عند حديثنا حول إسهامات روبرت ميرتون .


    الإجراءات المنهجية للاتجاه الوظيفي

    اهتم نيقولا تيماشيف بتحديد الإجراءات و التدابير التي تستخدم عند دراسة الفروض الوظيفية و اختبارها ، و نظرا ً لأن الصياغة النظرية للاتجاه الوظيفي ذات طابع تصوري في بعض جوانبها ، فقد أكد تيماشيف أن التجربة الفعلية إحدى هذه الإجراءات و التدابير ، و ذلك لاعتقاده بأننا نستطيع أن نقدر تصوريا ً و بشكل عام ماذا سيحدث في مجتمع ما إذا ما أدى بناء جزئي وظيفته أو اضطرب في تأديتها .

    و رغم تأكيد تيماشيف على أهمية التصور أو التجربة الفعلية و مشروعيتها في إجراء أي تحليل سببي إلا أنه يستند إلى رأي " ماكس فيبر " بالنسبة للحدود و التحفظات التي يضعها عند استخدام هذه الأداة أي التصور كإجراء منهجي في التحليل الوظيفي .

    و الإجراء المنهجي الثاني الذي يستعان به في دراسة و اختبار الفروض الوظيفية هو المقارنة سواء كانت على المستوى الكيفي النظري بين موقفين اجتماعيين يختلفان بالنظر إلى وجود أو عدم وجود سمة معينة أو بناء جزئي ، بحيث يمكن إظهار النتائج المتباينة التي تترتب على هذا الاختلاف ، و التي تؤثر على وجود النسق الكلي و تدعمه .
    أما الإجراء المنهجي الثالث الذي يستخدم في التحليل الوظيفي ، فيتمثل في ملاحظة و تحليل النتائج المترتبة على حدوث الاضطرابات المختلفة في المجتمع ، تلك الاضطرابات التي قد تنجم عن أحداث داخلية أو خارجية أو عن كلا العاملين معا ً ، و سواء كان التأكيد على الاستقراء التاريخي أو التجربة و المقارنة ، فإن ذلك يشير إلى ارتباط الاتجاه الوظيفي بالاتجاه الوضعي في علم الاجتماع ، و ذلك يتضح عندما نكشف عن الأصول الفكرية للاتجاه الوظيفي المعاصر و علاقته بالاتجاه البنائي الوضعي العضوي ، عند كلا من أوجست كونت ، سبنسر و غيرهم ، و الفائدة من تلك الإجراءات المنهجية تتمثل في أن التجربة العقلية و المقارنة و دراسة الحالة لآثار الاضطرابات ، تستخدم في العديد من الدراسات و التي قد لا تنتمي للاتجاه الوظيفي إلا أنها تفيد كثيرا في دراسة و اختبار القضايا الوظيفية .

    نقد النظرية البنائية الوظيفية

    ينتقد بوبوف عالم الاجتماع السوفيتي النظريات الوظيفية على ساس أنها تتصور المجتمع على أنه نظام أبدي لا يعرف التطور و الانتقال إلى وضع جديد ، كما أنه يفسر الحياة الاجتماعية بمتاهات من الجدل المدرسي الكلامي و التصورات القيمية البعيدة و المنفصلة عن الحياة الواقعية .

    و يرى بوبوف أن الوظيفية مثل غيرها من النظريات الاجتماعية الغربية التقليدية تدور في حلقة مفرغة لا تستطيع الخروج منها و هي : ان وعي الإنسان ( أي سيكولوجيته ) تحدد وجوده ، و أخيرا يقرر أن النظريات الوظيفية رجعية تدافع عن النظام الرأسمالي و عن معاييره و قيمه و أهمها الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج و يستشهد بوبوف بقول عام الاجتماع الأمريكي زيمرمان الأستاذ بجامعة هارفارد عن فراغ الوظيفية من المضمون حيث يقول في كتابه الأيدولوجيات السياسية المعاصرة :

    " لم تخلق مدرسة التحليل البنائي الوظيفي أكثر من أطر يمكن فيها وصف النظام الاجتماعي ، و لا أكثر من الوصف ، و ما أشبهها بأن نقول الكرسي مصنوع من الخشب و أن له أربع قوائم و وظيفته أن نجلس عليه ، و أن هذا الكرسي لا يؤدي وظيفته إذا كان الجلوس عليه مستحيلا ً ، و على هذا النحو يبدو النظام الاجتماعي فارغ المعنى ... إن هذه النظرية لا تضع في اعتبارها التغير الاجتماعي و لا يمكن أن تكون دليلا ً في الحلول و القرارات التي يجب علينا اتخاذها .

    تعليق الكاتبة حول النظرية البنائية الوظيفية :

    تدور الفكرة الرئيسية للاتجاه الوظيفي حول وجود نسق يتكون من عدة أنظمة أو عناصر ، و هذه العناصر لا بد لها أن تحافظ على توازن النسق من خلال أداءها لوظائفها و أن أي تغيير في أداء هذه الوظائف سوف يؤدي إلى اختلال توازن النسق و نشوء المشاكل فيه .

    و هذه الفكرة قد تكون مقبولة في لحظة معينة من تاريخ النسق ، و لكن هذه الأبدية التوازنية تبدو مستحيلة سواء ً على مستوى الفرد بيولوجيا ً أو على مستوى المجتمع ، أن التوازن الطويل الأمد ما هو في الحقيقة إلا مظهر مرضي ، لأن التغير لا بد منه حيث هو سنة الحياة .

    و المجتمع إذا ما استمر في حالة التوازن هذه و رفض كل جديد فسوف يتحول إلى مجتمع أقل ما يوصف به أنه مجتمع بدائي ، فليس لدينا مثال أفضل من المجتمعات البدائية في الوقت المعاصر ، فهي تعيش حالة من النمطية المتوارثة و الحفاظ على العادات و التقاليد لأجيال عدة ، هذا لو نظرنا لداخل المجتمع و لكن عندما ننظر إليه كجزء من هذا العالم نرى أنه يعيش حالة مرضية هي حالة انفصال عما حوله ، و بالتالي هو في الحقيقة عنصر غير وظيفي ضمن النسق العالمي بل يمكن اعتباره وقتها من المعوقات الوظيفية .

    و هذه النظرة و هي النسبية هي ما تغافل عنه الاتجاه الوظيفي فهو لا يرى سوى التوازن داخل النسق و يتناسى في نفس الوقت أن هذا النسق في الحقيقة هو أيضا عنصر أو جزء نسبة إلى نسق ٍ أكبر .

    و كمثال على ذلك نعلم أن المرأة الحامل يحدث شيء من اللاتوازن في جسمها فهل يصح أن نطلق على هذا الاختلال بأنه خلل غير وظيفي و ضار بالنسق ( الجسم ) بالطبع لا يمكن اعتبار هذا الخلل شيء مضر بالجسم بل على العكس إن هذا الخلل يؤدي وظيفة هامة و هي إنتاج الأجيال الجديدة للمجتمع .

    فلو أستمر جسم المرأة في حالة توازن مستمر لتعطلت وظيفة هامة تؤدى داخل المجتمع .
    إذا فبما أن جسمها ( النسق الأصغر ) يظل عنصرا ً نسبة إلى المجتمع ( النسق الأكبر ) فنخلص إلى أن التوازن في مجتمع ما قد يكون توازنا ً مرضيا ً نسبة للنسق الأكبر و الشيء الآخر أنه ليس كل اختلال داخل النسق هو اختلال ضار و غير وظيفي .

    النقطة الأخرى و التي هي أيضا إحدى الأفكار الرئيسية للاتجاه الوظيفي هي فكرة البدائل الوظيفية ، و تعنى أن كل عنصر داخل النسق يؤدي وظيفة ما ، يمكن أن يكون هناك بديل عنه إذا ما توقف عن أداء هذه الوظيفة و لكن لم يشر المنظرون الوظيفيون ــ حسب قراءتي لما لدي من مراجع ــ أن هذا البديل الوظيفي مهما ترقى في درجة أداء هذه الوظيفة يظل عاجزا ً عن أداءها بنفس أهمية وجود العنصر الأساسي المرتبط بهذه الوظيفة ، فالأسر البديلة مثلا لا يمكن لها أن تحقق نفس الاستقرار في حياة الفرد المنتسب إليها عوضا ً عن الأسر الحقيقية ، و لو حدث بعض الشذوذ ( استقرار ) فإنه يظل الشذوذ الذي يظهر في كل قاعدة .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 5:58 am