منتدى طلبة جامعة المسيلة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى طلبة جامعة المسيلة

منتدى يحوي جميع العلوم و المعارف


    إميل دوركايم

    avatar
    mokranesofiane


    المساهمات : 74
    تاريخ التسجيل : 23/03/2010
    العمر : 36
    الموقع : mokrane-sofiane.yoo7.com

    إميل دوركايم Empty إميل دوركايم

    مُساهمة  mokranesofiane الثلاثاء مارس 23, 2010 8:28 am

    إميل دوركايم

    التوجه النظري لإميل دوركايم خلافاً للعديد من المفكرين الاجتماعيين يحتوى على القليل من الغموض. لقد كرس كل جهده للاهتمام بأثر البنات الاجتماعية الكبرى للمجتمع والمجتمع نفسه على أفكاروأفعال الفرد. لقد كان مؤثراً جداً في تشكيل النظرية البنائية الوظيفية بتركيزها على البناء الاجتماعي والثقافة. على ضوء هذا ، فإن هدفنا في هذا الفصل هو وصف مدخل دوركايم النظرى بتركيز خاص على اهتماماته الاجتماعية الكبرى. عرف دوركايم بتطويره واستخدامه لمفهوم الحقيقة الاجتماعية. ولنا الكثير الذى سنقوله عن هذا المفهوم في هذا الفصل لكن مقدمة مختصرة تبدو ضرورية في هذا المقام. بالمفهوم المعاصر، الحقائق الاجتماعية هى البنيات الاجتماعية، المعايير والقيم الثقافية التى هى خارجية بالنسبة للفاعل وقاهرة له.

    لنفهم لماذا طور دوركايم مفهوم الحقائق الاجتماعية وماذا تعنى ؟ نحتاج إلى فحص بعض جوانب المناخ الفكرى الذى عاش فيه.

    بالرغم من أن المصطلح ( علم الاجتماع ) صك قبل سنوات بواسطة أوغست كونت لم يكن هناك مجال يعرف بعلم الاجتماع بذاته في فرنسا أواخر القرن التاسع عشر. كما لم تكن هنالك مدارس، أقسام أو حتى أساتذة علم اجتماع. هنالك القليل من المفكرين ( كونت، دوركايم، ماركس، سنبسر ) يناقشون أفكارا هى بطريقة أو بأخرى اجتماعية، لكن لم يكن هنالك بعد مجالا ًيعرف بعلم الاجتماع. بالتأكيد كانت هنالك معارضة قوية من المجالات الموجودة أصلا ًلظهور مثل ذلك المجال. المعارضة الأكثر أهمية كانت من قبل علم النفس والفلسفة، المجالين اللذان كان يعتقد انهما يغطيان موضوع علم الاجتماع. المأزق بالنسبة لدوركايم المتطلع لإيجاد علم الاجتماع كان في كيفية أن يخلق له نافذة منفصلة ومميزة.

    لفصل علم الاجتماع عن الفلسفة ذكر دوركايم أن على علم الاجتماع أن يتوجه نحو البحث الميداني. هذا يبدو بسيطا ً جداً لكن الموقف تعقد باعتقاد دوركايم بأن علم الاجتماع مهدد بمدرسة فلسفية داخل علم الاجتماع نفسه. كان يرى أن اثنين من أعلام معاصريه يعتبرون أنفسهم علماء اجتماع، كونت وسبنسر يهتمان بالتفلسف والتنظير المجرد أكثر من اهتمامهما بدراسة العالم الاجتماعي ميدانيا. وإذا واصل هذا المجال تطوره في الاتجاهات التى وضعها كونت وسنبسر يرى دوركايم أنه سيكون أحد فروع الفلسفة. لذلك وجد من الضروري مهاجمة كونت وسبنسر معا.ً اتهمهما باستبدال الدراسة الواقعية للظواهر الاجتماعية في العالم الحقيقي بأفكار مسبقة عن تلك الظواهر. لذلك فإن كونت أخطأ في افتراضه النظرى أن العالم الاجتماعي يتطور في اتجاهات المجتمع الكامل وإهماله للدراسة الصارمة لطبيعة التغيير في مختلف المجتمعات. كذلك اتهم سبنسر بافتراضه التوافق في المجتمع وعدم قيامه بدراسة إذا ما كان هذا التوافق موجوداً فعليا.

    الحقائق الاجتماعية

    من أجل المساعدة في أبعاد علم الاجتماع عن الفلسفة وخلق هوية واضحة ومنفصلة له، ذكر دوركايم أن موضوع علم الاجتماع المميز يجب أن يكون الحقائق الاجتماعية. ومفهوم الحقائق الاجتماعية له عدة مكونات، لكن ما هو حاسم في فصل علم الاجتماع عن الفلسفة هى فكرة أن الحقائق الاجتماعية يجب أن تعامل كأشياء، وبما أنها تعامل كأشياء فان الحقائق تدرس ميدانيا ً وليس فلسفيا ً.

    كان دوركايم يعتقد أن الأفكار يمكن معرفتها عن طريق الاستبطان فلسفيا ًلكن الأشياء لا يمكن إدراكها عن طريق النشاط العقلي الخالص ونحتاج من أجل فهمها إلى معلومات من خارج العقل. هذا التوجه الميداني ودراسة الحقائق الاجتماعية كأشياء هو الذى ميز علم اجتماع دوركايم عن التفكير الفلسفي لكونت وسبنسر .

    في حين أن معاملة الحقائق الاجتماعية كأشياء جابهت التهديد من الفلسفة لكن لم تكن كافية لمواجهة التهديد من علم النفس. ومثل علم الاجتماع الدوركايمى فان علم النفس يعتمد أيضا ً على الدراسة الميدانية. ولتمييز علم الاجتماع عن علم النفس ذكر دوركايم أن الحقائق الاجتماعية مستقلة عن الفاعل وقاهرة له. لذلك فان علم الاجتماع يدرس الحقائق الاجتماعية في حين أن علم النفس يدرس الحقائق السيكولوجية. بالنسبة لدوركايم، الحقائق السيكولوجية أو النفسية هى في الأساس ظواهر موروثة. بالرغم أن هذا لا ينطبق على علم النفس اليوم وربما لم يكن وصفا دقيقا لعلم النفس في ذلك الوقت، لكنه مكن دوركايم من الفصل بين المجالين.

    الحقائق السيكولوجية هى بالتأكيد داخلية موروثة والحقائق الاجتماعية مستقلة وقاهرة. وكما سنرى بعد قليل هذا التمييز ليس نقياً كما ود دوركايم أن نعتقد. على الرغم من ذلك بتعريفه للحقائق الاجتماعية كأشياء مستقلة عن الفرد وقاهرة له، قام دوركايم بعمل جيد ( على الأقل بالنسبة لوقته ) في تحقيق هدفه في الفصل بين علم الاجتماع وكل من الفلسفة وعلم النفس .

    نحن نعرف الآن أن الحقيقة الاجتماعية شئ مستقل وقاهر لكن ماذا تتضمن غير ذلك؟ في الواقع ميز دوركايم بين نوعين من الحقائق الاجتماعية – مادية وغير مادية. الحقائق الاجتماعية المادية أكثر وضوحاً لأنها حقيقية، كيانات مادية لكنها ذات أهمية ضئيلة في عمل دوركايم وكما قال "الحقيقة الاجتماعية تكون أحياناً مادية للدرجة التى تكون فيها جزءًا من العالم الخارجي"[1] المعمار والقانون مثالان لما عنى به الحقائق الاجتماعية المادية وسنرى العديد من الأمثلة الأخرى في هذا الفصل .

    لكن الجزء الأكبر من عمل دوركايم وجوهر علم اجتماعه يختص بدراسة الحقائق الاجتماعية غير المادية. إن ما يطلق عليه علماء الاجتماع اليوم المعايير والقيم مثال جيد لما عنى به دوركايم الحقائق الاجتماعية غير المادية. لكن هذه الفكرة تخلق مشكلة. كيف أن الحقائق الاجتماعية غير المادية مثل المعايير والقيم تكون خارجية ومستقلة عن الفاعل ؟ أين يمكن أن نجدها إن لم يكن ذلك في عقول الفاعلين ؟ وإذا كانت في عقول الفاعلين أليست هى داخلية وغير خارجية ومستقلة؟

    لتوضيح هذه القضية لابد من تنقية حجة دوركايم بالقول، في حين أن الحقائق الاجتماعية المادية خارجية ومستقلة بوضوح وقاهرة للفاعل فإن الحقائق غير المادية ليست بذلك الوضوح. فهي إلى حد ما موجودة في عقول الفاعلين. وأفضل الطرق لفهم الحقائق الاجتماعية غير المادية هو أن نعتبرها خارجية وقاهرة للحقائق السيكولوجية. بهذه الطريقة يمكننا أن نرى الحقائق السيكولوجية وبعض الحقائق الاجتماعية موجودة داخل الوعي. لقد أوضح دوركايم هذا في أكثر من مكان. فقد ذكر "أن العقول الفردية عندما تكون مجموعات باندماجها وانصهارها فإنها تنتج وجوداً سيكولوجياً لكنها تكون فردية نفسية من نوع جديد"[2] وفى موضع آخر ذكر "هذا لا يعنى أن الحقائق الاجتماعية غير المادية ليست عقلية تماماً بما أنها تحتوى على طرق للتفكير والسلوك"[3]. لذلك من الأفضل التعامل مع الحقائق الاجتماعية غير المادية كظواهر عقلية لكنها خارجية وقاهرة لجانب آخر من العملية العقلية، ذلكم هو الحقائق السيكولوجية.

    يهتم علم الاجتماع بالظواهر لكنها عادة تختلف عن تلك الظواهر العقلية موضوع علم النفس. لذلك فان دوركايم ذكر أن علماء الاجتماع مهتمون بالقيم والمعايير فى حين أن علماء النفس مهتمون بأشياء مثل الغرائز الإنسانية. تلعب الحقائق الاجتماعية دوراً أساسيا في علم اجتماع دوركايم. لاستخراج أهم الحقائق الاجتماعية من أعماله وتحليل أفكاره عن العلاقات بين تلك الظواهر فمن الأفضل أن نبدأ بمحاولاته تنظيم الحقائق الاجتماعية في مستويات من الواقع الاجتماعي. لقد بدأ دوركايم بالحقائق الاجتماعية المادية ليس لأنها هى الأهم لكن لأن مكوناتها تأخذ أهمية عرضية في تنظيره. إنها تؤثر على الحقائق الاجتماعية غير المادية، موضوع اهتمامه الأساسي.

    المستويات الكبرى للواقع الاجتماعي في أعمال دور كايم يمكن تصنيفها كما يلي :-

    أ‌- الحقائق الاجتماعية المادية

    1-المجتمع

    2- المكونات البنيوية للمجتمع ( الدولة مثلاً )

    3- المكونات المورفولوجية للمجتمع (توزيع السكان ، قنوات الاتصال ، ترتيبات المساكن مثلاً )

    ب- الحقائق الاجتماعية غير المادية

    1- الأخلاق

    2- الضمير الجمعي

    3- التمثل الجمعي

    4- التيارات الاجتماعية

    يمكننا متابعة منطق نظرية دوركايم في تحليله لتطور العالم الحديث. هذا يبدو واضحاً في أحد أهم أعماله ( تقسيم العمل في المجتمع).

    تقسيم العمل في المجتمع

    أسس دوركايم تحليله في ( تقسيم العمل في المجتمع ) على مفهومه عن نوعين مثاليين من المجتمعات. النوع الأكثر بساطة يتميز بالتضامن الآلي وهو ذو بناء اجتماعي غير متباين نسبياً وينعدم فيه تقسيم العمل أو يوجد في أدنى درجاته. النوع الحديث يتميز بالتضامن العضوي وبه تقسيم واسع للعمل. بالنسبة لدوركايم تقسيم العمل في المجتمع حقيقة اجتماعية مادية تتضمن الدرجة التى يتحدد فيها تخصيص الأعمال والمسئوليات. الناس في المجتمعات البسيطة يحتلون مواقع عامة جداً يؤدون فيها قدر واسع من المهام المختلفة ويتعاملون مع عدد كبير من المسئوليات. بمعنى آخر إن الشخص البسيط هو رجل كل المهن. على النقيض من ذلك فإن أولئك الذين يعيشون في مجتمعات حديثة يحتلون مواقع أكثر تخصصاً ولهم نطاق ضيق من المهام والمسئوليات. مثلا ً دور الأم ربة المنزل في المجتمعات البسيطة له موقع أقل تخصصاً من دور الأم اليوم (خدمات الغسيل، خدمات التوصيل للمنازل، والأجهزة المنزلية، ماكينات الغسيل، الأفران الخ ) تؤدى عدد من المهام كانت في السابق مسئولية الأم ربة المنزل .

    التغير في تقسيم العمل له انعكاسات عديدة على بنية المجتمع وبعض أهم هذه الانعكاسات يظهر في الاختلاف بين نوعى التضامن – آلي وعضوي. في تناوله لموضوع التضامن كان دوركايم مهتماً بما يجعل المجتمع متماسكاً. المجتمع الذى يتميز بالتضامن الآلي موحد لأن كل الناس عموميين. الرابطة بين الناس تتمثل في أنهم جميعاً يؤدون نفس المهام ولهم مسئوليات متشابهة. على النقيض من ذلك، المجتمع الذى يتميز بالتضامن العضوي متماسك بالاختلاف الموجود بين أفراده لان لهم مهام ومسئوليات مختلفة. لأن الناس في المجتمع الحديث يؤدون مهاماً محدودة نسبياً فانهم بحاجة إلى أناس آخرين عديدين للبقاء. الأ سرة البسيطة التى ربها صياد الأم فيها جامعة للغذاء مكتفية ذاتيا ً عمليا ً. لكن الأسرة الحديثة فمن أجل البقاء لمدة أسبوع مثلآً، تحتاج إلى بقال، خباز، جزار، ميكانيكي سيارات، معلم، ضابط بوليس الخ. هؤلاء الناس يحتاجون الخدمات التى يقدمها الآخرون من أجل الحياة في العالم الحديث. فالمجتمع الحديث، كما يرى دوركايم متماسك بتخصص أفراده وحاجتهم إلى خدمات آخرين عديدين.

    الكثافة الحيوية

    تقسيم العمل حقيقة اجتماعية مادية لدى دوركايم لأنه يمثل نسق التفاعل في العالم الاجتماعي. حقيقة اجتماعية مادية أخرى وذات صلة وثيقة بتقسيم العمل والعامل الأساسي في نظرية دوركايم عن الانتقال من التضامن الآلي إلى التضامن العضوي هى الكثافة الحيوية.

    مفهوم الكثافة الحيوية يعنى عدد السكان في المجتمع وكمية التفاعل الذى يحدث بينهم. الزيادة السكانية أو الزيادة في التفاعل إذا أخذنا كلاً على حدة لا يشكلان عاملاً مهماً في التغير الاجتماعي. لكن الزيادة في أعداد الناس مصحوبة بزيادة في التفاعل بينهم ـ الكثافة الحيوية- يؤديان إلى التغير من التضامن الآلي إلى التضامن العضوي لانهما معاً يقودان إلى المزيد من التنافس حول الموارد النادرة وصراع أكثر كثافة من أجل البقاء بين مختلف مكونات المجتمع البسيط المتشابهة والمتوازية. وبما أن الأفراد والمجموعات، الأسر، والقبائل وما إلى ذلك تؤدى أدواراً متشابهة فغالباً ما يصطدمون حول هذه الأدوار خاصة في حالة ندرة الموارد. نشوء تقسيم العمل يسمح للناس والبنيات الاجتماعية التى يخلقونها بالتكامل أكثر من الصراع مع بعضهم البعض وهذا بدوره يجعل التعايش السلمي أكثر احتمالاً. إضافة إلى ذلك فإن الزيادة في تقسيم العمل تؤدى إلى المزيد من الفعالية وينتج عن ذلك الزيادة في الموارد مما يسمح لعدد أكبر وأكبر من الناس بالبقاء في سلام.

    كان دوركايم مهتماً أيضاً بتوضيح كيف أن تقسيم العمل والكثافة الحيوية يقودان إلى نوع مختلف من التضامن الاجتماعي. لقد كان مهتماً بشكل أساسي بتأثير هذه التغيرات المادية على الحقائق الاجتماعية غير المادية وطبيعتها في المجتمعات ذات التضامن الآلي والعضوي. لكن ونسبة لتصوره عن أي نوع من العلم يجب أن يكون علم الاجتماع، شعر دوركايم أنه من الصعوبة دراسة الحقائق الاجتماعية غير المادية مباشرة. الدراسة المباشرة للحقائق غير المادية كانت بالنسبة له موضوعاً فلسفياً أكثر من أنه موضوعاً لعلم الاجتماع. ومن أجل دراسة الحقائق غيرالمادية علمياً يجب على عالم الاجتماع البحث عن الحقائق المادية ودراستها لأنها هى التى تحدد طبيعة الحقائق غير المادية والتغيرات داخلها. في( تقسيم العمل في المجتمع ) يلعب هذا الدور القانون والفرق في القانون بين المجتمعات ذات التضامن الآلي والعضوي.

    القانون
    ذكر دوركايم أن المجتمع ذو التضامن الآلي يتميز بقانون قمعي. لأن الناس متشابهين جداً في مثل هذا المجتمع ولأنهم يعتقدون بقوة في أخلاق عامة فان أي خرق للقانون تجاه نسق القيم المشتركة غالباً ما يكون ذا أهمية بالنسبة لأغلبية الأفراد. وبما أن الناس يحسون بالجرم ويعتقدون بقوة في الأخلاق العامة فان خارق القانون يعاقب بقسوة لكل فعل يعتبر خرقاً للقانون ومخترقاً لنسق الأخلاق العامة.

    على النقيض من ذلك، يتميز المجتمع ذو التضامن العضوي بقانون تعويضي. فبدلاً من العقوبة القاسية حتى في مواجهة الجرائم الصغيرة ضد الأخلاق العامة، إن الأفراد في هذا النوع من المجتمع الأكثر حداثة يطلب منهم الانصياع للقانون أو تعويض أولئك الذين تضرروا من أفعالهم. في حين أن بعض القانون القمعي يظل موجوداً في مجتمع التضامن العضوي - عقوبة الإعدام مثلا ً- فإن القانون التعويضي هو الصفة الغالبة. هنالك القليل من الأخلاق العامة غير القاهرة وليست ذات قوة كبيرة والأغلبية العظمى من الناس لا ينفعلون عاطفياً لخرق القانون. مراقبة القانون القمعي تكون في أيدي الجماهير في مجتمعات التضامن الآلي لكن الحفاظ على القانون التعويضي يكون مسئولية هيئات متخصصة كالشرطة والمحاكم مثلاً. هذا منسجم مع زيادة تقسيم العمل في مجتمعات التضامن العضوي. التغير في الحقائق الاجتماعية المادية مثل القانون يعتبر في نسق دوركايم النظرى مجرد انعكاسات للتغير في عوامل أكثر أهمية في علم اجتماعه تلك هى العوامل غير المادية مثل الأخلاق، الضمير الجمعي، التمثل الجمعي والعقل الجمعى. كل هذه المفاهيم سنناقشها لاحقا ً.

    على المستوى العام والشامل فقد كان دوركايم عالم اجتماع أخلاق. وكما ذكر ارنسيت والورك [4] أن علم اجتماع دوركايم يعتبر منتجاً جانبياً لاهتمامه بالقضايا الأخلاقية. ذلك أن اهتمام دوركايم بالمشاكل الأخلاقية في عصره قاده كعالم اجتماعي ليوجه جل اهتمامه إلى الجوانب الأخلاقية للحياة الاجتماعية. بشكل أساسي فإن اهتمام دوركايم الأعظم كان يختص بتدني قوة الأخلاق العامة في العالم الحديث. وهو يرى أن الناس في خطر من التحلل المرضى للروابط الأخلاقية. هذه الروابط الأخلاقية مهمة في نظره لأن الفرد بدونها يكون عبداً لشغف نهم ومتوسع باستمرار. وسينجر الناس بسب شغفهم إلى البحث المجنون عن الإشباع، لكن كل إشباع جديد يؤدى إلى المزيد من الحاجات. سنقوم بتطوير هذه الفكرة لاحقاً في هذا الفصل. لكن ربما نقول هنا أن دوركايم يتمسك بالرؤية المتناقضة أن الفرد بحاجة إلى الأخلاق والسيطرة الخارجية من أجل أن يكون حراً. هذا تعريف غريب للحرية لكنه هو الموقف الذى اتخذه دور كايم .

    اللامعيارية
    العديد من القضايا التى شغلت دوركايم كانت نابعة من اهتمامه بتدني الأخلاق العامة. وفى مفهوم اللامعيارية أظهر دوركايم جيداً اهتمامه بمشاكل ضعف الأخلاق العامة. يواجه الأفراد اللامعيارية عندما لا تكون هنالك قيود أخلاقية كافية، أي عندما لا يكون لديهم مفهوم واضح عن ما هو صحيح ومقبول كسلوك وما هو غير ذلك. إن المرض الأساسي في المجتمع الحديث حسب رؤية دوركايم هو تقسيم العمل اللامعيارى. وبحديثه عن اللامعيارية كمرض أظهر دوركايم اعتقاده أن مشاكل العالم الحديث يمكن معالجتها. يعتقد دوركايم أن تقسيم العمل البنيوي في المجتمع الحديث مصدر للتماسك ربما يعوض ضعف الأخلاق العامة. لكن الطعن في حجته هذه أن تقسيم العمل لايمكن أن يعوض كلياً ضعف الأخلاق العامة إذا أخذنا في الحسبان أن اللامعيارية مرض مصاحب للتضامن العضوي الذى ينتج عن الزيادة في تقسيم العمل. يمكن أن يكون الأفراد معزولين في نشاطاتهم عالية التخصص ويمكن أن لا يكون لهم إحساس برابطة عامة مع الذين يعملون معهم أو يعيشون حولهم. لكن من الضروري أن نتذكر أن هذا اعتبر موقفا شاذاً من قبل دوركايم بما أنه فقط في الأحوال غير العادية يختزل تقسيم العمل عمل الناس إلى مهام ومواقع معزولة وغير ذات معنى. مفهوم اللامعيارية لا يوجد فقط في ( تقسيم العمل في المجتمع ) لكن أيضاً في( الانتحار) باعتباره أحد أنواع الانتحار الأساسية. لدينا الكثير الذى سنقوله عن هذا الموضوع لاحقاً لكن يمكننا أن نشير إلى أن الانتحار اللامعيارى يحدث نتيجة لتدنى الأخلاق الجمعية ولغياب الموجهات الخارجية الكافية لكبح نزوات الفرد.

    الضمير الجمعي
    تعامل دوركايم مع اهتمامه بالأخلاق العامة بطرق ومفاهيم متعددة. في مجهوداته المبكرة في تناول هذا الموضوع طور دوركايم فكرة الضمير الجمعي التى تميز (تقسيم العمل في المجتمع ) كما يلي "إن مجموع المعتقدات والمشاعر العامة لدى المواطنين العاديين في المجتمع تكون نسقاً محدداً له حياته الخاصة يمكن أن نطلق عليها( الضمير الجمعي ) وهو مختلف تماماً عن ضمير معينة بالرغم من أنه لا يمكن تحقيقه إلا عن طريقها"[5] . العديد من النقاط جديرة بالتوضيح في هذا التعريف، وذلك ضمن اهتمامنا بالضمير الجمعي باعتباره نموذجاً للحقائق الاجتماعية غير المادية. أولاً من الواضح أن دوركايم اعتبر أن الضمير الجمعي يتكون عالمياً عندما تحدث عن مجموع المعتقدات والمشاعر. ثانياً، من الواضح أن دوركايم تصور الضمير الجمعي كنسق ثقافي مستقل وحتمي. بالرغم من رؤيته هذه عن الضمير الجمعي فإن دوركايم تحدث عن تحقيقه من الضمائر الفردية. لذلك فإنه لم يتصور الضمير الجمعي كشيء مستقل تماماً عن ضمير الفرد وهذه الإشارة ذات أهمية عندما نناقش الاتهام بأن دوركايم يعتقد في مفهوم العقل الجمعي.

    مفهوم الضمير الجمعي يتيح لنا العودة لتحليل دوركايم في (تقسيم العمل في المجتمع) عن الحقائق الاجتماعية المادية وعلاقتها بالتغير في الأخلاق العامة. جوهر حجته أن الزيادة في تقسيم العمل الناتجة عن الزيادة في الكثافة الحيوية تسبب ضعف الضمير الجمعي. والضمير الجمعي ليس له أهمية كبرى في مجتمع التضامن العضوي مقارنة بمجتمع التضامن الآلي. الناس في المجتمع الحديث ينصهرون عن طريق تقسيم العمل والحاجة الناتجة للوظائف التى يؤديها الآخرون أكثر من انصهارهم عن طريق ضمير جمعي قوى ومشترك. أنتونى قدنيز[6] قدم خدمة مفيدة عندما أشار إلى أن الضمير الجمعي في كلا المجتمعين ذوى التضامن الآلي والعضوي يمكن تمييزه في أربعة أبعاد هى الحجم، القوة،الصرامة والمحتوى. الحجم يعنى عدد الناس الذين يشملهم، القوة تعود إلى مدى العمق بالإحساس تجاهه، الصرامة تشير إلى مدى معرف بشكل واضح، والمحتوى يعود إلى الشكل الذى يأخذه الضمير الجمعي في كلا المجتمعين. في مجتمع يتميز بالتضامن الآلي يغطى الضمير الجمعي كل المجتمع وكل أفراده, ويعتقد فيه بقوة (كما ينعكس ذلك في العقوبات القمعية في حالة خرقه ) إنه شديد الصرامة ومحتواه ديني.

    في مجتمع التضامن العضوي يكون الضمير الجمعي محدوداً في النطاق الذى يشمله وكذلك عدد الناس, لا يعتقد فيه بقوة (كما ينعكس في استبدال القانون القمعي بآخر تعويضي) إنه ليس صارما ومحتواه يمكن وصفه على أفضل وجه بالتعبير"الفردية الأخلاقية " أو زيادة أهمية ارتقاء الفرد للإدراك الأخلاقي.

    التمثل الجمعي
    في حين أن فكرة الضمير الجمعي مفيدة لدوركايم لكن من الواضح أنها فضفاضة وغير محددة. وعدم قناعته بمفهوم الضمير الجمعي قاده إلى التخلي عنه في أعماله اللاحقة لمصلحة مفهوم آخر اكثر تحديداً هو التمثل الجمعي.

    التمثل الجمعي يمكن اعتباره حالات محددة أو طبقات فرعية من الضمير الجمعي. باللغة المعاصرة ربما نصف التمثل الجمعي بقيم ومعايير جمعية معينة مثل الأ سرة, المهنة, الدولة والمعاهد التعليمية والدينية. مفهوم التمثل الجمعي يمكن استخدامه بعمومية وبتحديد أيضا, لكن ما هو مهم فيه أنه أتاح لدوركايم فهم الحقائق الاجتماعية غير المادية بصورة أكثر تحديداً من مفهوم الضمير الجمعي الشامل. على الرغم من أنها محدودة بشكل كبير فإن التمثلات الجمعية لايمكن اختزالها إلى مستوى وعى الفرد. "التمثلات الجمعية تنتج من طبقات الأفراد المشتركين لكن لها ميزاتها المتفردة"[7] هذا يعنى أن ميزاتها الفريدة لايمكن اختزالها إلى الوعي الفردي وهذا يضعها داخل إطار الحقائق الاجتماعية غير المادية. إنها تتجاوز الفرد لأنها لا تعتمد في وجودها على فرد معين. إنها مستقلة عن الأفراد لأن عمرها أطول من عمر أي فرد. التمثلات الجمعية جزء أساسي في نسق دوركايم عن الحقائق الاجتماعية غير المادية.

    الانتحار والتيارات الاجتماعية

    قدم دوركايم مفهوماً أكثر تحديداً وحيوية وأقل تبلوراً ذلكم هو التيارات الاجتماعية. وهى أيضا حقائق اجتماعية غير مادية وعرّفها كحقائق اجتماعية غير مادية لها نفس الموضوعية والهيمنة على الفرد مثل الحقائق الاجتماعية التى ناقشناها سابقاً لكن " بدون ذلك الشكل المتبلور"[8] وقدم لذلك عدداً من الأمثلة "مثل الحماس, السخط والغضب داخل تجمع ما. بالرغم من أن التيارات الاجتماعية الأخرى أقل تحديداً من الحقائق الاجتماعية الأخرى لكنها تبقى حقائق اجتماعية وقد أوضح دوركايم ذلك عندما ذكر"إنها تأتى لكل منا من حيث لا يدرى ويمكن أن تحملنا بعيداً رغم أنفسنا"[9].

    شرح دوركايم فكرة التيارات الاجتماعية في كتابه (قواعد المنهج الاجتماعي) لكنه استخدمها كمؤشر توضيحي أساسي في دراسة ميدانية أصبحت نموذجاً لتطور الدراسات الميدانية الأمريكية. في الحقيقة إن البحث الوارد في الانتحار يمكن اعتباره محاولة لاستخدام الأفكار التى طورت في (قواعد المنهج الاجتماعي) في دراسة ميدانية عن ظاهرة اجتماعية محددة هى الانتحار. في (الانتحار) أوضح دوركايم أن الحقائق الاجتماعية وخاصة التيارات الاجتماعية مستقلة عن الفرد وقاهرة له. ولقد اختار دراسة الانتحار بدلاً عن العديد من الظواهر الاجتماعية الأخرى لانه ظاهرة ملموسة ومحددة. كما أن هنالك قدر جيد من المعلومات عن الانتحار ويعتبر بواسطة العديد من الناس فعلاً خاصاً وشخصياً. يعتقد دوركايم أنه إذا تمكن من توضيح أن لعلم الاجتماع دور يلعبه في توضيح ما يبدوأنه فعل فردى مثل الانتحار فإنه يصبح من الممكن توسيع مجال علم الاجتماع لدراسة ظواهر هى أكثر انفتاحاً للتحليل السوسيولوجى. أخيرا اختار دوركايم دراسة الانتحار لأنه إذا تمكن من إقناع المجتمع العلمي بدراسته لهذه الظاهرة سيكون لعلم الاجتماع فرصة أكبر في الحصول على الاعتراف من العالم الأكاديمي.

    كعالم اجتماع لم يكن دوركايم مهتماً بدراسة لماذا أن شخصاً محدداًً ينتحر. هذا يجب أن يترك لعالم النفس. لكن دوركايم كان مهتماً بتوضيح التباين في معدلات الانتحار، أي أنه كان مهتما بلماذا نجد أن مجموعة معينة لها معدل انتحار أعلى من الأخرى. يفترض دوركايم أن العوامل البيولوجية، والنفسية الاجتماعية تبقى ثابتة من مجموعة لأخرى ومن وقت لاخر. وإذا كانت هنالك اختلافات في معدل الانتحار من مجموعة لأخرى أو من وقت لأخر يرى دوركايم أن الاختلاف يرجع إلى الاختلاف في العوامل الاجتماعية وتحديدا ً التيارات الاجتماعية.

    وكملتزم بالبحث الميداني لم يكتف دوركايم بإبعاد الأسباب الأخرى التى ربما تؤدى إلى الاختلاف في معدلات الانتحار وإنما قام باختبار تلك الأسباب ميدانيا ً .

    بدأ كتابه عن الانتحار بسلسلة من الأفكار المغايرة عن أسباب الانتحار. من ذلك الحالة المرضية النفسية للفرد، العرق، الوراثة والمناخ .

    في حين أن دوركايم عرض قدراً واسعاً من الحقائق ورفضها كمسبب لاختلاف معدلات الانتحار، لكن حجته الأوضح والتي تنسجم مع مجمل تصوره كانت حول علاقة العوامل العرقية مع تلك الاختلافات. أحد أسباب رفض العرق هو أن معدلات الانتحار تتباين وسط المجموعات ذات الأصل العرقي الواحد. وإذا كان العرق سبباً مؤثرا في تباين معدلات الانتحار فيمكننا أن نفترض أن له أثراً مشابها على مختلف المجموعات. دليل آخر ضد أهمية العرق في تباين معدلات الانتحار هو التغير في تلك المعدلات وسط عرق معين عندما ينتقل من مجتمع إلى آخر. وإذا كان العرق حقيقة اجتماعية ذات علاقة يجب أن يكون لها نفس الأثر في مختلف المجتمعات. بالرغم من أن حجة دوركايم هنا ليست كافية جداً وربما تكون حججه حول العوامل الأخرى التى رفضها أضعف ، لكن هذا يعطينا فكرة عن طريقة ومدخل دوركايم في الرفض المدعم بمعلومات ميدانية لما يعتبره عوامل إضافية مما مكنه من الانتقال إلى ما يعتقد أنه العوامل الأكثر أهمية. إضافة إلى رفضه للعوامل سابقة الذكر، فقد درس دوركايم نظرية التقليد التى تنسب إلى عالم النفس الاجتماعي الفرنسي جابريل تاردا ورفضها. تقول نظرية التقليد أن الناس ينتحرون ( ويدخلون في نطاق واسع من الأفعال الأخرى ) لأنهم يقلدون أفعال الآخرين الذين انتحروا. هذا المدخل النفسي الاجتماعي غريب على علم الاجتماع وعلى تركيز دوركايم على الحقائق الاجتماعية. لذلك لم يأل دوركايم جهداً في رفضها. سبب دوركايم ذلك بأنه إذا كان التقليد مهماً كان يجب أن تكون الأمم التى تجاور بلداً ذا معدل انتحار عال هى نفسها لها معدلات عالية، ثم نظر في المعلومات الخاصة بهذا العامل الجغرافي و خلص إلى أنه ليس له أي أهمية. قبل دوركايم أن انتحار بعض الأفراد ربما يكون بسبب التقليد، لكن هذا عامل ضعيف جداً وليس له أي تأثير على معدلات الانتحار الكلية. أخيراً رفض دوركايم نظرية التقليد كعامل هام لرؤيته أن حقيقة اجتماعية ما تكون فقط نتيجة حقيقة اجتماعية أخرى. وبما أن التقليد عامل اجتماعي نفسي لن يكون له في نسقه أية أهمية في تباين معدلات الانتحار لاجتماعية، وخلص إلى أن "معدلات الانتحار الاجتماعي يمكن توضيحها فقط سوسيولوجيا.ً"[10] بالنسبة لدوركايم، العوامل الأهم في التغير في معدلات الانتحار يجب أن توجد في الاختلافات على مستوى الحقائق الاجتماعية. بالطبع هنالك نوعان من الحقائق الاجتماعية - مادية وغير مادية. وكما هو دائما ًالحقائق الاجتماعية تحتل موقع الأهمية الرئيسية لكن ليست الأساسية. مثلا ً نظر دوركايم في أهمية الكثافة الحيوية في تباين معدلات الانتحار لكنه وجد أن أثرها غير مباشر. لكن التباين في الكثافة الحيوية وفى الحقائق الاجتماعية المادية الأخرى يؤثر على التباين في الحقائق الاجتماعية غير المادية وهذا له أثر مباشر على التباين في معدلات الانتحار. هنا يقدم دوركايم حجتين مترابطتين، من ناحية فهو يقول أن المجموعات المختلفة لها ضمير جمعي مختلف وتمثلات جمعية مختلفة أيضاً. من الناحية الأخرى هذا ينتج تيارات اجتماعية متباينة ذات أثر تبايني على معدلات الانتحار. إحدى طرق دراسة الانتحار هي المقارنة بين مختلف المجتمعات أو الأنواع الأخرى من المجموعات. من ناحية أخرى يري دوركايم أن التغير في الضمير الجمعي يقود إلى تغير في التيارات الاجتماعية والتي بدورها تؤدي إلى التباين في معدلات الانتحار. أدى هذا إلى الدراسة التاريخية للتغيرات في معدلات الانتحار ضمن مجموعة معينة. في كلتا الحالتين، ثقافياً أو تاريخياً فأن منطق الحجة هو نفسه التباين أو التغير في الضمير الجمعي الذي يؤدي إلى تباين أو تغير في التيارات الاجتماعية وهذا بدوره يؤدي إلى تباين في معدلات الانتحار. بمعني آخر، التغير في معدلات الانتحار يرجع إلى التغير في الحقائق الاجتماعية، وبشكل أساسي التيارات الاجتماعية. كان دوركايم واضحا حول الدور الأساسي الذي تلعبه التيارات الاجتماعية في تسبيب الانتحار" كل مجموعة اجتماعية لها استعداد جماعي للفعل، خاص بها، وهو مصدر الاستعداد الفردي وليس نتيجته. وهو يتكون من تيارات من الأنانية، الإيثار أو اللامعيارية تتخلل كل المجتمع. هذه النزعات للجسم الاجتماعي ككل، وبتأثيرها علي الأفراد تدفعهم إلى الانتحار "[11]

    أنواع الانتحار الأربعة

    نظرية دوركايم عن الانتحار وبنية تنظيره السسيولوجي يمكن أن يري بوضوح عند دراستنا لكل واحد من أنواع الانتحار الأربعة. الأناني، الإيثارى، اللامعيارى والقدري.

    الانتحار الأناني

    المعدلات العالية من الانتحار الأناني غالبا ما توجد في المجتمعات، التجمعات أو المجموعات الذي يكون فيها الفرد غير مندمج تماماً في الوحدة الاجتماعية الكبرى. المجتمعات ذات الضمير الجمعي القوي تمنع التيارات الاجتماعية الوقائية والشاملة التي تنبع من ذلك الضمير حدوث وانتشار الانتحار الأناني فيها. عندما تضعف هذه التيارات الاجتماعية يتمكن الأفراد وبسهوله من تجاوز الضمير الجمعي ويفعلون ما يريدون. في الوحدات الاجتماعية الكبرى ذات الضمير الجمعي الضعيف، يترك الأفراد للجري وراء مصالحهم الخاصة بأي طريقة يريدونها. مثل هذه الأنانية غير المكبوحة "غالبا ما تقود إلى قدر كبير من الاستياء والضجر بما أنه لايمكن إشباع كل الحاجات وحتى التي يمكن إشباعها تنتج حاجات أكثر وأكثر، كما أنها تنتج الاستياء المطلق للعديد من الناس كما تدفع بعضهم إلى الانتحار. لكن الأسر المندمجة بقوة،(المجموعات الدينية، الجماعات السياسية) تتعامل كهيئات ذات ضمير جمعي قوي ولا تشجع الانتحار "الدين يحمي الإنسان من الرغبة في تحطيم الذات. ما يكّون الدين هو وجود عدد من المعتقدات والممارسات التقليدية المشتركة بين كل المؤمنين، و لذا فهي ملزمة. وكلما تعددت هذه الحالة العقلية الجمعية وقويت كلما ازداد الاندماج في المجموعة الدينية وكذلك ازدادت القيمة الواقية ."[12]

    تفكك المجتمع ينتج تيارات اجتماعية مميزة وهي السبب الأساسي في تباين معدلات الانتحار. مثلا تحدث دوركايم عن تفكك المجتمع الذي يقود إلى تيارات من الكابة والخيبة "[13] التفكك الأخلاقي للمجتمع يعرض الفرد لارتكاب فعل الانتحار، لكن لابد من وجود تيارات الكآبة لحدوث التباين في معدلات الانتحار الأناني. ما هو مثير للاهتمام أن دوركايم هنا يعيد تأكيد أهمية العوامل الاجتماعية، حتى في الانتحار الأناني الذي يعتقد فيه أن الفرد حر من كل قيود اجتماعية. الفاعلون ليسوا أحراراً أبداً من قوة الجماعة " مهما كان الإنسان فرديا يبقي هناك دائماً شئ جماعي- الكآبة والسوداوية الناتجة من المبالغة في الفردية. إن الأنسان يؤثر علي المشاركة من خلال الحزن عندما لا يكون لديه ما يمكن تحقيقه بها "[14]

    إن حالة الانتحار الأناني تشير إلى أنه حتى في أكثر الأفعال فردية وخصوصية تكون الحقائق الاجتماعية هي المحدد الأساسي.

    الانتحار الإيثاري

    النوع الثاني من الانتحار الذي ناقشه دوركايم هو الانتحار الإيثاري. في حين أن الانتحار الأناني غالباً ما يحدث عندما يكون الاندماج الاجتماعي ضعيف جداً. الانتحار الإيثاري يحدث عندما يكون "الاندماج الاجتماعي قوي جداً."[15] الفرد يجبر حرفيا علي ارتكاب فعل الانتحار.

    ربما يكون أفضل نموذج للانتحار الإيثاري ذلك الانتحار الجماعي لاتباع "ريفيرنيد جيم جونز " في جونزتاون، غيانا. لقد تناولوا وبوعي كامل مشروب سام وفي بعض الحالات سقوا أطفالهم أيضا. من الواضح أنهم ارتكبوا الانتحار لأنهم دفعوا, بقوة أو بهدوء إلى الموت من أجل اتباع جمعية جونز المتعصبة. بشكل عام إن الذين يرتكبون فعل الانتحار الإيثاري يفعلون ذلك لأنهم يحسون أن ذلك هو واجبهم.

    وكما في حالة الانتحار الأناني درجة التكامل ( في هذه الحالة درجة عالية) ليست السبب الرئسي في الانتحار الإيثاري ولكن التباين في درجة الاندماج ينتج تيارات اجتماعية مختلفة تؤثر في معدلات الانتحار. مثلما في الانتحار الأناني اعتبر دوركايم أن التيارات الاجتماعية السوداوية هي سبب معدلات الانتحار الإيثاري العالية. في حين أن معدلات الانتحار الأناني العالية تنتج من التمزق والاكتئاب الحزين فإن الزيادة في معدلات الانتحار الإيثاري " تأتى من الأمل لأنها تعتمد علي الاعتقاد في التصور الجميل لما بعد هذه الحياة ."[16]

    الانتحار اللامعياري

    النوع الأخير والأساسي من أنواع الانتحار الذي نوقش بواسطة دوركايم هو الانتحار اللامعياري ويحدث عندما تضطرب ضوابط المجتمع. وترتفع معدلات الانتحار اللامعياري إذا كانت طبيعة الاضطراب إيجابية (الانتعاش الاقتصادي مثلا ) أو سلبية (الكساد الاقتصادي ). كلا النوعين من الاضطراب يؤدى إلى التعطيل المؤقت للجماعة عن أداء دورها السلطوي علي الأفراد. فترات الاضطراب تطلق العنان لتيارات اللامعيارية ـ الإحساس بانعدام الجذور وانعدام المعاييرـ وتقود هذه التيارات إلى الزيادة في معدلات الانتحار المعياري. من السهل تصور هذا في حالات الكساد. إغلاق مصنع نتيجة للكساد الاقتصادي ربما يؤدي إلى فقدان وظيفة ونتيجة ذلك أن الفرد ينقطع عن تأثير ضوابط الشركة والوظيفة. الانفصال عن مثل هذه البنيات – لأسرة, الدين, الدولة مثلاً – يترك الفرد فريسة لأثر تيارات اللامعيارية. يبدو أنه من الصعب تخيل أثر الانتعاش الاقتصادي. في هذه الحالة يمكن القول أن النجاح المفاجئ ربما يقود الأفراد بعيداًً عن البنيات التقليدية التى نشأوا فيها. النجاح الاقتصادي ربما يقود الفرد إلى ترك عمله والانتقال إلى مجتمع جديد وربما يتخذ زوجة جديدة. كل هذه التغيرات تؤدى إلى اضطراب أثر ضوابط البنيات الموجودة وتترك الفرد في فترات الانتعاش الاقتصادي فريسة للتيارات الاجتماعية اللامعيارية. الزيادة في معدلات الانتحار اللامعيارى خلال فترات اضطراب الحياة الاجتماعية منسجمة مع رؤية دوركايم عن الأثر الضار لنزوات الفرد عندما يتحرر من القيود الخارجية. فعندما يتحرر الناس يصبحون عبيداً لنزواتهم ونتيجة لذلك، يرى دوركايم أنهم يقومون بسلسلة واسعة من الأفعال المدمرة تشمل قتل أنفسهم في أعداد أكبر مما هو معتاد .

    الانتحار القدري

    هنالك نوع رابع من الانتحار لا يشار إليه كثيرا - الانتحار القدري – والذي ناقشه دوركايم في إحدى حواشي كتابه (الانتحار). ففي حين أن الانتحار اللامعيارى يحدث في الحالات التى تضعف فيها الضوابط فان الانتحار القدري يحدث في الحالات التى تكون فيها الضوابط متجاوزة للحد المرغوب فيه. وصف دوركايم الذين يرتكبون فعل الانتحار القدري بأنهم "أشخاص مستقبلهم مغلق بقسوة ونزواتهم خنقت بعنف عن طريق نظام قهري "[17] المثال التقليدي هو الرقيق الذى يقتل نفسه بسب عدم الأمل المصاحب للضوابط القاهرة لكل أفعاله. الزيادة في الضوابط – القهر – تطلق العنان لتيارات السوداوية والتي بدورها تتسبب في ارتفاع معدلات الانتحار القدري. قدم ويتن بوب[18] ملخصاً مفيداً لأنواع الانتحار الأربعة التى ناقشها دوركايم. قام بذلك من خلال التداخل الذى أجراه بين درجات مرتفعة ومنخفضة للاندماج والضوابط على النحو التالي :

    عال انتحار إيثاري

    الاندماج:

    منخفض انتحار أناني


    عالية انتحار قدري



    الضوابط: منخفضة انتحار لامعيارى

    الدين

    كما رأينا شعر دوركايم بالحاجة للتركيز على التجليات المادية للحقائق الاجتماعية غير المادية. مثلا ً القانون في( تقسيم العمل) ومعدلات الانتحار في (الانتحار ) لكن في كتابه (الأشكال الأولية للحياة الدينية) شعر دوركايم بالراحة الكافية لمناقشة الحقائق الاجتماعية غير المادية، خاصة الدين، بصورة أكثر مباشرة. في الحقيقة الدين هو الحقيقة الاجتماعية غير المادية المطلقة ودراسته اتاحت له إلقاء المزيد من الضوء على كل نسقه النظرى.

    بالرغم من أن البحث الوارد في ( الأشكال الأولية...) ليس لدوركايم، لكنه شعر أنه من الضروري وضع تفكيره عن الدين في معلومات منشورة. المصدر الأساسي لتلك المعلومات دراسات عن قبيلة الارونتا الأسترالية البدائية. شعر دوركايم أنه من الأهمية دراسة الدين داخل ذلك الإطار البدائي لعدة أسباب. أولا ً، كان يرى أنه من السهل التعمق في الطبيعة الأساسية للدين في إطار بدائي وليس في مجتمع حديث. الأشكال الدينية في المجتمع البدائي يمكن " توضيحها في كل صفائها وتحتاج فقط إلى مجهود بسيط لعرضها "[19]. ثانياً، الأنساق الأيدلوجية للأديان البدائية أقل نمواً من الأديان الحديثة ويصاحب ذلك وجود تشويش أقل. وقد ذكر دوركايم " أن ما هو ثانوي وليس أساسى لم يغط بعد المكونات الأساسية. كل شئ مختزل إلا ما لا يمكن الاستغناء عنه، إلى الذى بدونه لا يمكن أن يكون هنالك دين "[20] ثالثاً، في حين أن الدين في المجتمع الحديث يأخذ أشكالاً مختلفة ففي المجتمع البدائي نجد " انسجاماً فكرياً وأخلاقياً"[21] . لذلك يمكن دراسة الدين في المجتمع البدائي في أكثر صوره نقاء ً. أخيراً بالرغم من أن دوركايم درس الدين البدائي لكن ذلك ليس بسبب اهتمامه بالدين البدائي في نفسه، بل درسه من أجل أن "يصل إلى فهم للطبيعة الدينية للأديان وليوضح بذلك جزءًا مهماً وأساسياً من الإنسانية"[22] أكثر تحديداً، درس دوركايم الدين البدائي ليلقى الضوء على الدين في المجتمع الحديث.

    بما أن الدين في المجتمع البدائي منسجم وشامل، يمكننا أن نقول أن ذ لك الدين يعادل الضمير الجمعي. أي أن الدين في المجتمع البدائي هو أخلاق جمعية شاملة لكن كلما تطور المجتمع وأصبح أكثر تخصصاً كلما احتل الدين نطاقاً أضيق. وبدل أن يكون ضميراً جمعياً في المجتمع الحديث أصبح الدين أحد التمثلات الجمعية. وفى حين أنه يعبر عن بعض المشاعر الجمعية فإن مؤسسات أخرى مثل (القانون والعلم) أخذت تعبر عن جوانب أخرى من الأخلاقية الجمعية. بالرغم من أن دوركايم يرى أن الدين أصبح يحتل نطاقاً ضيقاً ، لكنه أقر أن معظم إن لم يكن كل التمثلات الجمعية في المجتمع الحديث يرجع أصلها إلى الدين الشامل في المجتمع البدائي.

    المقدس والمدنس

    السؤال الأساسي بالنسبة لدوركايم كان عن مصدر الدين الحديث. وبما أن التخصص والغطاء الايدولوجى يجعل من الصعب دراسة جذور الدين في المجتمع الحديث مباشرة، تناول دوركايم الموضوع في إطار المجتمع البدائي. السؤال هو من أين أتى الدين البدائي والحديث ؟.

    منطلقاً من موقفه المنهجي الأساسي أن الحقيقة الاجتماعية تسببها حقيقة اجتماعية أخرى، خلص دوركايم إلى أن المجتمع هو مصدر الدين. المجتمع من خلال أفراده يخلق الدين من خلال تعريفه لظواهر معينة بأنها مقدسة وأخرى بأنها مدنسة. تلك الجوانب من الواقع الاجتماعي التى تعرّف على أنها مقدسة، تلك التى تعزل وتعتبر من المحرمات تكَّون أساس الدين. ما تبقى يعتبر مدنساً، تلك هى جوانب الحياة اليومية، العامة، النفعية والدنيوية. المقدس يؤدى إلى سلوك يحتوى على التقديس، الاحترام، الغموض، الرهبة والشرف. الاحترام الذى ينسب لظواهر معينة ينقلها من المدنس إلى المقدس .

    التمييز بين المقدس والمدنس وارتفاع بعض ظواهر الحياة الاجتماعية إلى المستوى المقدس ضروري ولكن ليس كافيا ً لتطور الدين. ولابد من توفر ثلاثة ظروف أخرى. أولا ً ، يجب أن يتطور نسق من المعتقدات الدينية. والمعتقدات " هى التمثلات التى تعبر عن طبيعة الأشياء المقدسة وعلاقاتها مع بعضها البعض أو مع الأشياء المدنسة "[23] . ثانيا ،ً من الضروري أيضا وجود نسق من الطقوس " هذه هى قوانين السلوك التى تصف كيف يلائم الإنسان نفسه في وجود الأشياء المقدسة "[24] أخيراً يحتاج الدين إلى كنيسة، أو مجتمع أخلاقي. التداخل بين المقدس، المعتقدات، الطقوس والكنيسة قاد دور كايم إلى تعريف الدين كما يلي " الدين نسق موحد من المعتقدات والممارسات تجاه الأشياء المقدسة، أي الأشياء التى تعتبر محرمة – المعتقدات والممارسات التى تتوحد في مجتمع أخلاقي واحد يعرف بالكنيسة وكل الذين يلتزمون بذلك "[25]

    الطوطمية

    رؤية دوركايم أن المجتمع هو مصدر الدين شكلت دراسته للطوطمية وسط الأرونتا في أستراليا. الطوطمية هي نسق ديني تعتبر فيه بعض الأشياء خاصة الحيوانات والنباتات مقدسة، وترمز للعشيرة. واعتبر دوركايم أن الطوطمية هى الشكل الأكثر بدائية وبساطة للدين ويوازيها شكل بدائي من التنظيم الاجتماعي ذلكم هو العشيرة . إذا تمكن دوركايم من توضيح كيف أن العشيرة هى مصدر الطوطمية، يكون بإمكانه إثبات حجته أن المجتمع هو منبع الدين . فيما يلي عرض لحجة دوركايم " الدين الذى يرتبط مباشرة بالنسق الاجتماعي ويتفوق على كل ما سواه في بساطته يمكن اعتباره أكثر الأديان التي نعرفها أولية. وإذا نجحنا في اكتشاف أصل المعتقدات التى حللناها سابقاً، سيكون بإمكاننا في نفس الوقت اكتشاف الأسباب التي تؤدى إلى نشوء المشاعر الدينية لدى الإنسان "[26].

    بالرغم من أنه يمكن أن يكون للعشيرة أكثر من طوطم واحد، فإن دوركايم لا يعتبر ذلك سلسلة من المعتقدات المنفصلة وغير المترابطة حول حيوانات أو نباتات محددة، وإنما أعتبرها نسقاً مترابطاً من الأفكار تعطى العشيرة تمثيلاً كاملاً عن العالم. ليس النبات أو الحيوان هو مصدر الطوطمية، إنه فقط يمثل ذلك المصدر. الطواطم هى التمثيل المادي للقوى غير المادية فيها. وتلك القوى غير المادية ليست أكثر من الضمير الجمعي للمجتمع " الطوطمية دين، ليس بتلك الحيوانات أو بتصورات الناس، وإنما بتلك القوى المجهولة وغير الشخصية، موجودة في كل تلك الكيانات لكنها ليست ممتزجة بأي منهما. الأفراد يموتون والأجيال تذهب ويأتي غيرها لكن هذه القوى تبقى دائماً حية كما هى. إنها تنفخ الحياة في أجيال اليوم مثلما فعلت بأجيال الأمس وكما ستفعل بأجيال الغد "[27].

    الطوطمية خاصة والدين بشكل عام مشتقان من الأخلاق الجمعية، وهى في نفسها قوى غير شخصية. إنها ليست سلسلة من النباتات، الحيوانات والأرواح فقط .

    الانفعال الجمعي
    الضمير الجمعي هو مصدر الدين كما يرى دوركايم، لكن من أين يأتي الضمير الجمعي نفسه ؟ في نظر دوركايم إنه يأتي من مصدر واحد هو المجتمع. في الحالة البدائية التى درسها دوركايم يعنى هذا أن العشيرة هى المصدر المطلق للدين. لقد كان دوركايم صريحاً حول هذه النقطة عندما ذكر " إن القوى الدينية ليست أكثر من القوى الجمعية والمجهولة للعشيرة "[28] ففي حين أننا ربما نوافق على أن العشيرة هى مصدر الطوطمية يبقى السؤال كيف تخلق العشيرة الطوطمية. تقع الإجابة في مكون أساسي من مستودع مفاهيم دوركايم وإن كان لم يناقش بشكل كاف، ذلك هو الانفعال الجمعي .

    مفهوم الانفعال الجمعي لم يوضح جيداً في أي من أعمال دوركايم بما في ذلك (الأشكال الأولية للحياة الدينية ) ويبدو أنه كان في ذهنه وبشكل عام اللحظات الكبرى في التاريخ التى أمكن فيها للجماعة تحقيق مستويات عليا من الرقى والتي تقود بدورها إلى تغيرات كبرى في بنية المجتمع. الإصلاح الديني وعصر النهضة في أوروبا نماذج لفترات تاريخية كان فيها للانفعال الجمعي أثر مشهود على بنية المجتمع. ذكر دوركايم أن الدين ينشأ من الانفعال الجمعي " إنه وسط هذه البيئات الاجتماعية المنفعلة ومن هذا الانفعال نفسه يبدو أن الدين يولد "[29] وخلال فترات الانفعال الجمعي يخلق أفراد العشيرة الطوطمية .

    باختصار، الطوطمية هى التمثيل الرمزي للضمير الجمعي والضمير الجمعي بدوره يأتي من المجتمع لذلك فإن المجتمع هو مصدر الضمير الجمعي والطوطمية .

    الإصلاح الاجتماعي

    تمكنا حتى الآن من المرور على معظم أنواع الحقائق الاجتماعية غير المادية لدوركايم – الأخلاق، الضمير الجمعي، التمثلات الجمعية، التيارات الاجتماعية والدين. هذه المفاهيم تقع في مركز تفكير دوركايم وبالتأكيد ازدادت أهميتها مع تطوره المهني. سبق أن

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس أبريل 18, 2024 9:11 pm